الله سبحانه وتعالى خلق خلقه، وهو يحفظهم ويتولاهم، فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف:64].
رأي رجلٌ عصفوراً يطير من شجرة إلى شجرة، وبفمه لحمة ينقلها إلى أعلى نخلة، فصعد الرجل إلى أعلى النخلة، فوجد في أصل النخلة حية عمياء كبيرة السن، فكان إذا اقترب منها العصفور وَشْوَشَ لها، فتفتح فاهها فيلقي فيه قطعة اللحم. حية رزقها يصلها إلى رأس النخلة، بعصفور وهي عمياء، ويصرصر لها العصفور فترفع فكَّها.
من الذي دلّ العصفور؟ إنه الواحد الأحد!! إنه رب العصفور!!
من الذي رزق الحية؟ إنه الحيّ القيوم، ربُّ الحيّة. (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [هود:6].
* والله سبحانه وتعالى يحفظ من حفظه من عباده في حالات ومقامات متنوعة، لا يمكن لأحد حصرها أو عدّها. يحفظه في دينه، وذلك أغلى ما عند المسلم، ويحفظه في دنياه من كل سوء، ويسخر له مخلوقاته، (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف:64].
* وحفظ الله تعالى المرءَ في دينه كثيراً ما يغيب عن الأذهان بالرغم من أهميته وخطورته.. فيحفظ الله قلبه من الشبهات والشكوك، ويحميه من الشرك والنفاق، ويحفظه من الحيرة والتردد، ومن كل مبدأ دخيل هدام.. والناس من حوله صرعى بلا هدف ولا وجهة.. وهو قد حفظه الله، فعرف درب الخير والفلاح.
ويحفظه عند ساعة الاحتضار، عند فراق هذه الدنيا، في تلك اللحظة الحرجة التي يحرص الشيطان على اصطياد المرء فيها، ولكن المؤمن الصادق يثبته الله بقوله الثابت، ويحفظه ويسدده، ويوفقَّه لقول كلمة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
وكم من شخص ضيَّع حدودَ الله.. وعند الموت خانه لسانه فعجز عن التلفظ بالشهادة.. وندم وتحسَّر، وأسف على ما قدَّم ولات ساعة مندم!! لأنه لم يحفظ الله تعالى! فلم يحفظه سبحانه، فخسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين!